تراجعت ثقة المواطنين المغاربة بشكل كبير في القطاع الخاص، بمختلف مجالات اشتغاله، بسبب اتهامه بإخلاف الموعد مع المواطنين خلال فترة الجائحة.
وتشير المعطيات إلى أن الإجراءات والطريقة التي تعامل بها القطاع الخاص خلال الجائحة، كرّست نظرة مجتمعية تؤكد أنه قطاع غير مواطن ولا تهمه سوى الأرباح. وتجلت بشكل واضح في مواقع التواصل الاجتماعي، التي وجهت عبرها انتقادات لاذعة، لاسيما المؤسسات الخاصة المستثمرة في قطاعات التعليم والصحة والبنوك والتأمينات.
وكانت مؤسسات التعليم الخاص، أول المؤسسات التي تعرضت للانتقاد، بفعل تسابقها إلى طلب الدعم من صندوق تدبير جائحة كورونا، وبسبب الاختلالات التي تشوبها انطلاقا من مصاريف التسجيل والتصريح بالعاملين بها وأجورهم الهزيلة، وصولا إلى دخولها في صدام مع آلاف العائلات بعد تشبثها بضرورة أداء واجبات التدريس كاملة، رغم توقف الدراسة لأزيد من أربعة أشهر وتوقف خدمات هذه المؤسسات نتيجة لذلك.
المصحات الخاصة بدورها كانت سببا في تذمر المغاربة، إلى درجة أن تعليقات وصفتها بـ “محلات الجزارة”. وتعددت تجاوزاتها بحماية من اللوبي الذي يدعمها، ولعل آخر ما أثار الجدل بخصوصها، الأسعار الخيالية التي فرضتها للتكفل بمرضى “كوفيد19″، التي تفوق أربع مرات الأسعار المحددة في التعريفة المرجعية للوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
ولم يسلم القطاع البنكي هو الآخر من الانتقادات، بسبب رفض البنوك الامتثال لقرارات لجنة اليقظة الاقتصادية، بالرغم من أنها كانت عضوا باللجنة، إذ عملت على الرفع من سعر الفائدة بحجة التكاليف، ما أرهق المقاولات الصغرى والمتوسطة، كما رفضت الامتثال لقرار تأجيل الأقساط عبر طرق ملتوية، منا أنها زادت من تأزيم المقاولات بعد رفض طلبات تمديد تأجيل اقتطاع الأقساط الشهرية، بسبب انعكاسات جائحة كورونا على القطاعات التي ينتمون إليها، بحجة غياب توجيهات حكومية.
واتهم مواطنون قطاع التأمين كذلك بأنه لم يكن في مستوى ما يتطلبه سياق مواجهة الجائحة، وتجلى ذلك مؤخرا في رفض مؤسسات تأمين معروفة زبناءها الذين أصيبوا بفيروس كورونا. وسبق للبرلماني عبد الله بوانو، أن قال إن ثلاثة قطاعات أخلفت الموعد خلال الجائحة وهي، بحسبه، قطاعات التأمين والبنوك والمحروقات.
ويذكر أن تراجع ثقة المغاربة تجاه القطاع الخاص، رافقته مطالب واسعة بتطبيق الدولة الحماية الاجتماعية وسن تشريعات توقف هذه المؤسسات عن العبث بمستقبل المغاربة، ولعل ذلك ما ترجمه موقف آلاف الأسر التي نقلت أبناءها من مؤسسات التعليم الخاص إلى المدرسة العمومية. كل ذلك في الوقت الذي عبّر مسؤولون حكوميون عن دعمهم غير المباشر للقطاع الخاص بمختلف المجالات، وأبرزها الصحة والتعليم، تجلى ذلك، في تصريحات سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وخالد أيت الطالب وزير الصحة، الذين اعتبرا في مناسبات مختلفة أن القطاع الخاص شريك أساسي لا يمكن الاستغناء عنها.