مازال مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يراوح مكانه في انتظار بدء مسطرة دراسته بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، على الرغم من مرور أزيد من أربع سنوات على إحالته على المؤسسة التشريعية.
وجاء عقد اجتماع بشأن النص القانوني، باللجنة المعنية بمجلس النواب، منتصف شتنبر الماضي، لتثير النقاش مجددا بسبب رفض النقابات، التي طالبت بمزيد من المشاورات حول مشروع القانون، قبل إعادة برمجته على أجندة أعمال البرلمان، وهو ما أدى إلى تأجيل دراسته بطلب من الحكومة إلى أجل غير مسمى. ويعتبر مشروع القانون، من ضمن آخر القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور، والتي طال أمد انتظار إخراجها، لكن يظل الهدف الأساسي واضحا يتمثل في تنظيم ممارسة هذا الحق الدستوري بما يضمن تأطير وتحسين العلاقات المهنية ويضمن ممارسة حق الإضراب، ويكفل التوازن بين مصالح الأفراد والجماعات والتوفيق بين الحقوق والواجبات التي تعتبر أهم مقومات دولة الحق والقانون.
وينص الدستور في فصله التاسع والعشرين على أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”.
إن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بموجب قانون تنظيمي يكسبه أهمية كبيرة نظرا لكون القوانين التنظيمية تأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور.
وكان وزير الشغل والإدماج المهني، السيد محمد أمكراز قد أكد، في معرض تفاعله مع تساؤلات النواب بشأن تأجيل النقاش حول مشروع القانون التنظيمي باللجنة البرلمانية في منتصف شتنبر الماضي، على أهمية المشروع باعتباره نصا قانونيا مؤطرا، لافتا إلى أن “الحكومة ملزمة بإخراج هذا النص إلى حيز الوجود”.
وبعد أن اعتبر أن علاقات الوزارة بالنقابات يطبعها التشاور والاحترام، أبرز أن النقاش حول هذا المشروع “مستمر مع النقابات، حيث عقدت العديد من اللقاءات مع جميع الهيئات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والقطاعات الحكومية المعنية، وتم تجميع ملاحظات جميع الأطراف المعنية”، مسجلا أن “هذه الملاحظات شكلت تصورا بشأن مشروع القانون”.
وأضاف أنه “بعد التشاور واستكمال الصورة حول مشروع القانون، كان من المرتقب فتح النقاش (..) لكن تم تأجيل هذه الخطوة بعد أن عبرت النقابات عن رغبتها في إبداء مزيد من الملاحظات بشأن هذا النص القانوني الذي تحكمه ضوابط مسطرية صلبة”.
يذكر بأن مقتضيات اتفاق 25 أبريل 2019 قد نصت في جزء منها على التزام الحكومة والشركاء الاجتماعيين بالتشاور حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب قبل عرضه للمصادقة على البرلمان.
وفي هذا الصدد، توقف الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي مخاريق، عند ما سماه “المنهجية التي تعاملت بها الحكومة مع هذا المشروع حيث قامت بدون استشارة مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بإحالة النص التشريعي على مسطرة الدراسة بلجنة بمجلس النواب”، مسجلا أن هذا الأمر يمثل “خرقا صريحا لالتزامها”.
وسجل مخاريق أنه من ناحية الجوهر، فإن مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب هو “تراجعي يضرب في العمق الحريات النقابية”.
وبعد أن لفت إلى أن الاتحاد المغربي للشغل ليس ضد قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب، شدد على “أننا نريد قانونا ينظم هذا الحق الدستوري ويضمن ممارسته في إطار ضوابط متفق عليها”.
كما تطرق إلى الأسباب التي تدفع الحركة النقابية والعاملة المغربية للجوء إلى الإضراب، من ضمنها “عدم احترام مدونة الشغل والقوانين الاجتماعية كالتصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي هو إجباري، وعدم احترام الحد الأدنى للأجر وعدم تأدية الأجور، وعدم وجود لجان الصحة والسلامة المهنية”.
وأكد مخاريق على أن المغرب، يحتاج في الظرفية الحالية المتسمة بالأزمة الصحية وتداعياتها، إلى قوانين تشجع على خلق مناصب الشغل والحفاظ عليها، وكذا تشجيع العمال الذين فقدوا عملهم على إحداث شركات صغرى ومشاريع لكسب قوتهم اليومي، لذلك، فهذه هي الأولويات التي على الحكومة الانكباب عليها، إلى جانب الأولوية الكبرى المتمثلة في ورش تعميم التغطية الاجتماعية لكل المغاربة.
وبحسب مشروع القانون، الذي تمت إحالته على مجلس النواب بتاريخ 6 أكتوبر 2016، فإن “الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية للأجراء المضربين”.