مع ازدياد الحاجة إلى مادة “الأكسجين” بالمستشفيات المغربية خلال جائحة كورونا، التهبت أسعارها، وأصبحت موضوعا للمضاربة والاحتكار، ما يطرح الكثير من الأسئلة بشأن الطريقة التي يتم بها إنتاج وتوزيع هذه المادة، وبالتالي فرض ضرورة التحكم في أسعارها من طرف وزارة الصحة، لقطع الطريق أمام “اللوبيات” المستفيدة من هذا الوضع.
فعلى الرغم من أن إنتاج “الأكسجين” لا يتطلب موادا باهظة الثمن، لأنه يعتمد أساسا على الهواء والكهرباء، وهما عنصرين متوفرين، إلا أن ارتفاع الطلب عليه من قِبل مرضى “كوفيد 19″، جعله المادة الأكثر طلبا خلال الأشهر الأخيرة، ذلك ما أكده أطباء ومالكو عيادات لصحيفة “ميديا24” الناطقة بالفرنسية، بقولهم: “هذا المرض مستهلك كبير للأكسجين. فقبل الوباء كان متوسط الاستهلاك من 5 إلى 6 لترات في الدقيقة، لكن مع بداية الجائحة يمكن أن يصل إلى 20 لترا في الدقيقة، وقد يستهلك المريض ما 800 درهم من الأكسجين في اليوم في الحالات القصوى”.
بدوره، قال خالد أيت الطالب وزير الصحة، أول أمس (الاثنين) بمجلس النواب، إن “استهلاك الأكسجين تضاعف بـ 15 مرة، وارتفعت تكلفته من 1.5 مليون درهم إلى ثلاثة ملايين درهم خلال الـ 4 أشهر الماضية لكل 100 سرير. ويشير موقع “ميديا 24” إلى أن فاعلين في المجال يتحفظون عن ذكر أرقام دقيقة بشأن الموضوع، مؤكدين أن “الطلب الحالي ارتفع بنسبة 50 في المائة مقارنة مع شهر يناير الماضي”.
وأفاد المصدر ذاته، أن أسعار “الأوكسجين” تتغير بحسب الموردين والأحجام والموقع الجغرافي للمستشفى بالنسبة إلى مصانع الإنتاج، وتختلف أيضا بحسب الزبون، الذي كلما كان استهلاكه الشهري مرتفعا كلما انخفض الثمن، وهي قواعد عامة، لكن لكل مزود حريته في تحديد الأسعار بحسب سياسته وتكاليفه وتخصصه. كما أن تنافسية السوق، تحدد الأسعار بحسب معايير أخرى منها موعد طلبية الزبون والمفاوضات والأحجام.
وفيما يخص المستشفيات العمومية، فإنها تقتني هذه المادة بناء على طلبات عروض، في حين تستفيد العيادات والمستشفيات الخاصة من المنافسة في المجال للحصول على أثمنة مناسبة، ويؤكد مصدر للموقع المذكور، “أن القطاع يعمل على أساس اتفاقيات التوريد، وغالبا ما يتم تجديد هذه الاتفاقيات باتفاق ضمني، لذلك ليس ارتفاع الطلب هو الذي يساهم ارتفاع الأسعار”.
من جانبها أكدت العيادات الخاصة للمصدر نفسه، أن العقود لم تتغير، لكن هناك صعوبات في توفير المادة أمام الطلب الكبير، ما يتطلب البحث عن موارد أخرى، ومنها اقتناء جهاز استخراج الأكسجين الذي ارتفع سعره الطبيعي من 13 ألف درهم، إلى 50 ألف درهم. وبالنسبة إلى الأسعار الملتهبة للأكسجين، يضيف المصدر أنها تتراوح بين 40 إلى 80 درهم للمتر المكعب بحسب الكميات. ولكن تحدث تجاوزات أحيانا، إذ إن موردين يبيعونه بسعر 150 درهما.
من جانبها راسلت الصيدليات خالد أيت الطالب وزير الصحة، من أجل التدخل وتطبيق القانون، وأكد منير التدلاوي، الأمين العام للاتحاد الوطني لنقابات الصيدليات بالمغرب، بحسب المصدر نفسه، أن “الغازات الطبية، وبالتحديد الأكسجين، تعتبر في القانون 17-04 الخاص بمدونة الأدوية والصيدلة أدوية، وتخضع لاحتكار الصيدليات”، مضيفا أنه “يجب تنظيم سعر الأكسجين كما هو الحال بالنسبة إلى جميع الأدوية الأخرى، بسعر البيع العام وسعر المستشفى، وأن هذا السعر يمكن أن يكون ثابتا بحسب المتر المكعب، باستثناء التكلفة اللوجيستية التي من شأنها أن تضاف اعتمادا على المسافة”.
وتجدر الإشارة، إلى أنه سبق لعزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن وجه انتقادات لاذعة للحكومة، بسبب السياسة التي تتبناها في توفير الأوكسيجين للمستشفيات العمومية المغربية، منتقدا اعتمادها على شركة واحدة، وهي شركة “مغرب أوكسيجين” التابعة لهوليدينغ “أكوا” الذي تعود ملكيته إلى عزيز أخنوش وزير الفلاحة المغربي وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار.