بعد إدانتهما ابتدائيا فبراير الماضي أمام محكمة جرائم الأموال باستئنافية فاس، إثر متابعتهما بمعية آخرين، بتهم ثقيلة في ملف فضيحة المشروع السكني “باديس” بالحسيمة، يوجد مرة أخرى، أنس العلمي، المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير (CDG)، ومحمد علي غنام، المدير العام السابق للشركة العامة للعقار (CGI)، في شبهة التورط في اختلالات مشروع سياحي ضخم، إلى جانب عبد الرحمان الوزاني، المدير العام السابق لشركة بنك الأعمال لصندوق الإيداع والتدبير (CDG CAPITAL)، و”ديسيز إيمانويل” الفرنسي الجنسية، المدير العام السابق لشركة (CDG CAPITAL REAL ESTATE)، وتسعة متورطين آخرين.
وبحسب وثائق (تتوفر صحيفة “أمَزان24” على نسخة منها)، فإن الأمر يتعلق بفضيحة أخرى للذراع المالية للمملكة، حقّق فيها المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، استنادا إلى تعليمات النيابة العامة بفاس. وتزامنا مع صدور الحكم القضائي الابتدائي في ملف “باديس” الحسيمة في 04 فبراير الماضي، انتهت التحقيقات في الملف الثاني في الـ 19 منه، ويشبته تورط المديرين العامين السابقين المذكورين، ومن معهم من مهندسين ومديري ومسيري شركات وموظف في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وتقنيّ فيها، وتحوم حولهم تهم تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والمشاركة في ذلك.
ويتعلق الأمر، وفق مستندات تنفرد صحيفة “أمَزان24” بنشر مضامينها، بمشروع المركب السياحي “CHEDI GHM” بالفنيدق، الذي كان يُنتظر إنجازه على مساحة تناهز 7.2 هكتار، ضمن استراتيجية التطوير السياحي، بالمنطقة الشمالية للمملكة، عن طريق تهيئة واد نيكرو. ويضم المشروع إنجاز مركب سياحي يتكون من 45 فيلا، و66 غرفة، يتم تسييرها من طرف شركة “GHM”، ذات العلامة التجارية العالمية في التسيير الفندقي والسياحي. وكان مقررا الانتهاء من الأشغال في شهر أبريل لسنة 2012، إلا أنها أجلت الى غاية صيف 2017، قبل أن يتوقف المشروع، بعدما لم تتعدى نسبة الأشغال الكبرى فيه سوى خمسة في المائة.
وبحسب تقرير لجنة مختلطة، تعود أسباب التأخير إلى تدبير وتتبع المشروع بطريقة غير ملائمة، وتأخر في تصفية العقار بلغ ثلاث سنوات، وتعاقب عدة شركات تابعة لصندوق الإيداع والتدبيرعلى تسييره وتتبعه، ويتعلق الأمر بـ “MADEF” و”SHN” و”SHON” و”ِCGI” و”CDG CAPITAE REAL”، وتأخر إعداد الدراسات المتعلقة ببدء الأشغال، وتسجيل صعوبات في التدبير المالي.
وفيما يتعلق بالتدبير التقني للمشروع، خلصت اللجنة المختلطة ذاتها، في تقرير يحمل عدة ملاحظات بالنسبة إلى العقود والصفقات، منها العقد المبرم مع مختبر “LPEE” الذي لا يحمل أي تاريخ، وتم الإدلاء بوثائق تثبت تعاقدا معه في 29 أبريل 2011، بينما الدراسات الخاصة بالمشروع كانت في 2010، ما يعني أن العقد المدلى به، متعلق بتسوية خدمات منجزة سابقا. الأمر نفسه بالنسبة إلى العقد المبرم مع مكتب الدراسات التقنية “EXCEL”، الذي اتضح أنه عقد تسوية خدمات منجزة سابقا، لأن تاريخ إبرامه كان في 04 نونبر 2010، أي بعد إعداد دفاتر التحملات لصفقات تسوية الأرض وصفقة الهندسة المدنية وصفقة الإنارة، كما أن العقد يرمي إلى تتبع أشغال إعداد الطرق لمشروعي “CHEDI” و”BANYANTHREE”، مقابل مبلغ 100 ألف درهم شهريا لمدة سنة، بما مجموعه مليون و200 ألف درهم، وهي مبالغ جرى استنفادها رغم أن المشروع لم ينتهي بعد.
ومن بين الملاحظات التقنية التي سجلها تقرير اللجنة المختلطة، ما جاء في عقد المساعدة التقنية “GHM ET SIENNA GROUP LTD”، وهو عقد يقضي بأداء “MADAEF” صاحبة المشروع 10 آلاف أورو شهريا لمدة 20 شهرا لشركة “GHM”، أي ما يعادل مليوني درهم، مقابل مواكبتها بناء المشروع في جميع مراحله، واتضح أن مؤسسة “مضايف” التابعة لصندوق الإيداع والتدبير (صاحبة المشروع) استوفت كافة المبالغ المتعاقد عليها، رغم أن المشروع مازال في بداية عملية البناء.
وينضاف إلى ذلك، اختلالات جرى تسجيلها فيما يتعلق بصفقات تهيئة الطريق الوطنية رقم 13، المتعلقة بمشروعي “CHEDI” و”BANYANTHREE”، وعرفت أشغالها اللجوء المفرض للتعاقد بالتراضي، وغياب أصول الملفات الإدارية والتقنية للصفقات، وصفقة التسوية الأرضية العامة “TERRASSEMENT GENERAUX 2.0” التي تم توقيعها لتسوية أشغال منجزة مسبقا، الأمر نفسه تكرر بالنسبة إلى صفقة الهندسة المدنية “LOT 2.1” التي تم توقيعها لتسوية أشغال منجزة سابقا، بالإضافة إلى غياب تجارب الحفر.
وسجّل المحققون أيضا خروقات ذات صلة بصفقة التبليط باستعمال الإسفلت والتشوير “LOT 2.3″، التي عرفت عدم احتساب القيمة الجزائية عن التأخير في إنجاز الأشغال، بلغت قيمتها 379.758,00 درهما على شركة “URBIS SIGNALETIQUE”، واستعمال أوامر خدمة (ORDRE DE SERVICE) غير صحيحة، من أجل تمكين الشركة المذكورة من الإفلات من أداء ذعائر التأخير (PENALITE DE RETARD). وعرفت صفقة قنوات الواد المتعلقة بمشروع “CHEDI” و”BANYANTHREE” الموافقة عليها وإعطاء انطلاقتها قبل إعداد الشروع المشروع القبلي المفصل، إضافة إلى الشروع في الأشغال قبل الموافقة المسبقة، لوكالة حوض اللوكوس، وعدم بناء حائط طالبت به الدراسات المنجزة من أجل خفض خطر الفيضانات، وغياب الوثائق المكونة للملف الإداري والتقني.
ولم تسلم الصفقة الخاصة بالتطهير ذات الصلة بالمشروع السياحي الضخم من تسجيل خروقات، فقد عرفت الأشغال المتعلقة بها اللجوء المفرط لإبرام صفقات بالتفاهم المباشر، عكس المقتضيات المضمنة بصاحب المشروع المنتدب، وكذا تنفيذ الأشغال المتعلقة بهذه الصفقة من طرف المقاولة قبل توقيع الصفقة. الاختلالات نفسها سجلتها صفقة الأشغال الكبرى، فقد جرى الإعلان في البداية عن طلب عروض محدود بخصوص هذه الصفقة، ليتم إلغاؤه دون أي مبرر، وتم تفويت الأشغال المتعلقة بها إلى شركة “SGTM”، ما يعني الغياب الكلي للشفافية فيها خلال تمريرها، إضافة إلى الشروع في تنفيذها قبل التوقيع.
وبالإضافة إلى التلاعبات التي شملت صفقة التسوية العامة (TERRASSEMENT GENERAUX) لمشروعي “CHEDI” و”BANYANTHREE” فيما يتعلق بغياب الوثائق المكونة للملف الإداري والتقني، وعدم تعليل حساب أحجام التسوية (CUBATURES DES TERRASSEMENTS)، أشار تقرير اللجنة المختلطة التي عمقت بحثها بشأن فضيحة اختلالات مشروع الفنيدق السياحي الضخم، إلى وجود تلاعبات في أوامر الخدمة المتعلقة بالأشغال المنجزة من طرف شركة “URBIS SIGNALETIQUE” بطريقة مفضوحة.
وفي انتظار حسم ملف المتورطين الـ 13 في مشروع المركب السياحي “CHEDI GHM” بالفنيدق، الذي كان يُنتظر إنجازه على مساحة تناهز 7.2 هكتار، ضمن استراتيجية التطوير السياحي، بالمنطقة الشمالية للمملكة، يذكر أن غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بملفات جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، شرعت في التاسع من شتنبر الماضي، في المرحلة الثانية من محاكمة أنس العلمي المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير، ومحمد علي غنام المدير العام السابق للشركة العامة العقارية، المدانين ابتدائيا بسنة حبسا نافذا لكل منهما، والمؤاخذين بجنحة “التصرف في مال بسوء نية ممن سبق له التعاقد معهما بشأنه”، بعد إعادة تكييف متابعتهما، والمحكومين بـ 5 آلاف درهم غرامة لكل واحد منهما، دون 25 متهما آخرا أحدهم حوكم غيابيا، برأتهم الغرفة الابتدائية من تهم اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والمشاركة في ذلك.