والرواية بحسب النقاد جزء من سيرة برادة الروائية، انطلاقاً من زمنها الذي يبدأ مباشرة بعد الاستقلال وعودة الكاتب من مصر، كما أن سردها يمتدّ إلى قضايا الاعتقال السياسي، وصولاً إلى الإحساس اليائس بلا جدوى الإصلاحات في المغرب، وهي حكاية الذات المُفردة في مواجهة الذات الجماعية من نافذة الموروث والتابو والمؤسسة.
وبحسب الدار، تبدأ الرواية باختفاء في ظروف غامضة، “جاذبية عبدالعزيز”، صحافية وكاتبة مغربية جريئة، تحملُ همومَ ما بعد الاستقلال وتسعى إلى التَّحرُّر من السُّلطة الذكورية المُجحفة، في مناخٍ اجتماعيّ وسياسيّ مضطرب، منذ حكومة عبدالله إبراهيم، إلى الصراع بين المعارضة والقصر، مرورا بأحداث انتفاضة 23 مارس 1965، ثم مرحلة السبعينات التي شهدت موجة اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي اليسار، ودرب مولاي علي الشريف، وناس الغيوان، إلى غيرها من الأحداث والشواهد التي تنقل صورةً بانورامية عن تاريخ المغرب في تلك الحقبة.
والرواية يمتزجُ فيها الخيال بالواقع، عبر علاقةٍ محمومةٍ تجمع بين “جاذبية”، وشـاب يساري متخصص في الاقتصاد وقارئ متابع للأدب والفكر، هو “هيمان السبتي”، الذي تداهمه الأسئلة، ويصطدم بجدران صماء في رحلة اقتفائه لأثر امرأته المختفية، لتكون هذه الرحلةُ المُتعددة الأصوات والرسائل ملامسة حقيقية لمناطق الظّل في الذاكرة والذات والمجتمع، وتمجيدا أدبياً لما كتبتْهُ امرأةٌ سابقةٌ لزمانها، من أشياءَ تبدو مُتقدِّمةً عمَّا نعيشه اليوم.
يذكر أن محمد برادة روائي وناقد مغربي، من مواليد 1939، ويكتب برادة القصة والرواية، كما يكتب المقالة الأدبية والبحث النقدي، وله في هذه المجالات جميعها العديد من الدراسات وبعض الكتب ذات الأثر اللافت في المشهد الثقافي والأدبي والنقدي العربي، صدرت له أيضاً بعض الترجمات لكتب أدبية ونقدية ونظرية أساسية، لكل من رولان بارت وميخائيل باختين وجان جنيه ولوكليزيو وغيرهم، كما ترجم لغيرهم العديد من النصوص الأساسية في مجالات مختلفة.
وبرادة من مؤسسي اتحاد كتاب المغرب، وانتخب رئيساً له في ثلاث ولايات متتالية، وساهم في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، لكنه تفرغ فيما بعد للعمل الأدبي والنقدي، وتُرجمت العديد من مؤلفاته إلى لغات أجنبية.