طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام من الوكيل العام للملك، بالتدخل لتسريع وتيرة البحث في شكاية شبهة تبديد العقار العمومي بجهة مراكش آسفي، بتوظيف لجنة الاستثناءات في عهد الوالي السابق عبد الفتاح البجيوي كآلية وغطاء، تحت ذريعة تشجيع الاستثمار، ما مكن بعض الأشخاص ذوي الحظوة والنفوذ، والذين تربطهم علاقات غير واضحة وملتبسة بالوالي السابق المذكور، من حيازة والاستفراد بعقارات مهمة ومساحات شاسعة في أماكن استراتيجية بثمن زهيد، وجني أرباح مهمة ومراكمة ثروات غير مشروعة.
وجاء في مراسلة الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية، اليوم (الاثنين)، أن الخطير في الأمر، توظيف مواقع السلطة والوظيفة العموميتين وآلية لجنة الاستثناءات في هذه القضية لتبديد الرصيد العقاري العمومي، والذي يدخل في نطاق المال العام، وكان بالأحرى أن يوجّه لخدمة الاستثمار الحقيقي المنتج لمناصب الشغل والتنمية، وأن يكون الولوج إليه للجميع على قاعدة المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص، مع الأخد بعين الاعتبار أسعار العقار المرتفعة بالجهة.
وأكد حماة المال العام، أن الطريقة التي فوت بها العقار العمومي تحت ذريعة الاستثمار وطبيعة الأشخاص المستفيدين من ذلك وعلاقاتهم ببعض مراكز السلطة ومواقع القرار، يرقى إلى درجة أفعال إجرامية تكتسي صبغة جنائية معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي المغربي.
وأوردت الجمعية أنها تفاجأت بحجم “التبديد للعقار العمومي”، مضيفة أنه على سبيل المثال فقط فإنها اكتشفت كيف تم الترخيص لأحد الأشخاص عن طريق لجنة الاستثناءات في عهد الوالي عبد الفتاح البجيوي، بإنشاء مدرسة ومصحة خاصتين على مساحة هكتارين ومازالت إحدى الأسرة تقطن هناك منذ عقود من الزمن. ويقع هذا العقار خلف مدرسة البعثة الفرنسية وبالقرب من المقر الجهوي لإدارة الضرائب بمراكش، والمحسوبة على منطقة المسيرة. وجرت بعض المحاولات لإفراغ الأسرة التي تقطن بالعقار، إلى حد أن هناك معلومات تفيد أن الأسرة المذكورة، وبمجرد شروعها في وضع حاجز بسيط يقيها من حر الشمس سارع الوالي المذكور إلى اتهامها بالبناء العشوائي، في اطار الضغط عليها إرضاء لجشع لوبي الفساد بالمدينة.
وأضافت الجمعية، أنها تتبعت كيف تم تحويل عقار عمومي مخصص لبناء مدرسة عمومية بمنطقة سيدي يوسف بن علي بمراكش إلى مشروع خاص، بتفويته إلى أحد الاشخاص، والذي يترأس إحدى المقاطعات بالمدينة، مشيرة إلى أنه “بعد تقديم شكايتها في الموضوع واستماع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لرئيس الفرع الجهوي، صافي الدين البودالي، توصلنا بمعطيات تفيد تفويت عقار عمومي بالمدينة القديمة بمراكش (دار زنيبر)، ويقطنه بعض الموظفين التابعين في وقت سابق لعمالة مراكش إلى أحد الاشخاص الذين يتولون تدبير الشأن المحلي بمدينة مراكش، وأنشأ به مطعما بعدما كان يتردد في السابق أن العقار سيشيّد به متحفا، إلا أن الرأي العام المحلي تفاجأ بتحويله إلى مشروع خاص (مطعم) في عهد الوالي السابق عبد الفتاح البجيوي قبل أن يتم توقيف هذا المشروع بأمر من الوالي الحالي.
وأكدت الجمعية، أن لجنة الاسثتناءات التي يرأسها الوالي تضم في عضويتها إدارات ومرافق عمومية اخرى (المجلس الجماعي، الوكالة الحضرية، إدارة الاملاك المخزنية…) وكلها من المفترض أن تكون مسؤوليتها قائمة في تبديد العقار العمومي وتفويته لأشخاص بأثمنة رمزية إضرارا بمصالح وحقوق الساكنة في التنمية وضدا على مبادئ الحكامة والشفافية والمنافسة.
وقالت الجمعية، لدبها شك وشعور بالقلق والخوف من مسار هذا الملف الثقيل، لكون المسؤولين والأشخاص الذين لهم ارتباط بوقائع هذه الشائكة سيعمدون إلى توظيف علاقاتهم ومراكزهم ونفوذهم الممتد على أكثر من صعيد لتعطيل البحث التمهيدي، ومحاولة حصره عند حدود مساءلة بعض صغار الموظفين دون أن تطال كبار المسؤولين.
وشدد الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام على مطالب لوكيل الملك بالتدخل العاجل طبقا للقانون من أجل تسريع وثيرة البحث التمهيدي، والحرص على الاستماع لكل الاشخاص المفترض تورطهم في وقائع الشكاية، بغض النظر عن مراكزهم الوظيفية والاجتماعية وذلك بغرض فرض سيادة القانون على الجميع وتحقيق العدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وخلص البلاغ إلى أنه قد تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية.